[size=24]صفات المراة الصالحةعندما سأل زياد بن أبيه جلسائه: من أنعمُ النّاس عيشهً؟ قالوا: أمير المؤمنين! قال: لا، و لكن رجل مسلم له زوجٌه مسلمةٌ لهما كفافٌ من العيش، قد رضيت به و رضيّ بها! لا يعرفنا و لا نعرفه!
فمن هي هذه المرأة التي يغبطها على عيشها أبلغ العرب و أكثرهم دهاءً! إنها التي ارتدت العفة، و تسربلت الفضيلة، يتلألأ من وجهها نور الطهارة، و يشع من قلبها بهاء الطاعة، و على جسدها سيماء الرفعة و المهابة!
و أخلصت في منح قلبها! و وجدانها! و فكرها! لزوجها و رفيق دربها! و من صفاتها:
(1) تقدم الرأي الصائب و المشورة: سفانة بنت حاتم الطائي تُقدِم من عندِ رسول الله - صلى الله عليه و سلم - إلى أخيها، مُرغبّة، رحمةٌ بأخيها، فيسألها: ما ترين في هذا الرجل؟ قالت: أرى أن نلحق! [الإصابة 8 /108]
(2) تضحِّي بالأهل و الوطن لنصرة هذا الدين: و هذه أم كلثوم بنت عقبة تهاجر من مكة إلى المدينة فارّةً بدينها - و هى فتاةٌ عاتق (لم تتزوج) - تاركةً خلفها أباها و هو شيطان من شياطين الأنس، ثم يلحق بها أَخَوَاها فتقول لرسول - صلى الله عليه و سلم -: أترُدُّني إلى الكفار يَفتِنُوني عن ديني و لا صبر لي و حالُ النساء ما قد علمت. (رواه البخاري 3945/4).
(3) سبَّاقةٌ إلى صنائع المعروف: و تضرب هذه الصحابية أروع الأمثلة التطبيقية، عندما ضاف الرسول - صلى الله عليه و سلم - رجلاً فقال لنسائه فقلن: ما معنا إلا الماء! فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم " من يضم أو يضيف هذا! فقال رجل من الأنصار: أنا، فانطلق به إلى امرأته فقال: أكرمي ضيف رسول الله..
فقالت: ما عندنا إلا قوت صبياني! فقال: هيئي طعامك، و أصلحي سراجك، و نوّمي صبيانك إذا أرادوا عشاءً! فهيأت طعامها، و أصلحت سراجها، و نوّمت صبيانها، ثم قامت كأنها تصلح سراجها فأطفأته، فجعلا يُريانه أنهما يأكلان، فباتا طاويين..
فلما أصبح غدا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: " ضحك الله - أو عجب من صنيعكما " . فأنزل الله: {وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ}. (رواه البخاري 3798).
(4) عفتها جاوزت الأفهام: ميسون بنت بحدل، عندما دخل عليها زوجها معاوية بن أبى سفيان و معه خادم خصي؟ فجزعت، و قالت: من هذا؟ فقال: إنه خصي! فقالت: و الله ما كانت المُثلَة لتُحِلَّ له ما حرم الله عليه! و أبت أن يدخل عليها. [البداية و النهاية لابن كثير 8/148]
(5) تُعَظّم شعائر الله: في سنة خمس و ستين حجت جميلة بنت صاحب الموصل، فكان معها أربع مئة جمل، و عدة محامل لا يدرى في أيها هي ّّّّ! فأعتقت خمس مئة نفس، و خلعت خمسين ألف ثوب. (سير أعلام النبلاء للذهبي 5/134) .
(6) لا تخشى في الحق لومه لائم: عن عيسى بن علام عثمان، قال: كنت عند فاطمة بنت على - رضي الله عنه - فجاء رجل يثنى علي أبيها عندها فأخذت رمادا فسفّت في وجهه. [طبقات ابن سعد 8/466]
(7) عابدة: عن الهيثم بن جماز قال كانت لي امرأة لا تنام الليل و كنت لا أصبر معها على السهر فكانت ترش الماء و تنبهني برجلها و تقول أما تستحي من الله؟ إلى كم هذا الغطيط قال: فوالله إن كنت لأستحي مما تصنع. (تعظيم قدر الصلاة/835 2)
(8) زاهدة أمام المغريات: حكى الواقدى عن ليلة عيد و ليس عنده شيء فذهب إلى صديق له تاجر فاستلف منه ألف دينار مختومة بكيس، فلما استقر في بيته جاءه صديق هاشمي من آل بيت رسول الله - صلى الله عليه و سلم -، فشكا له الحاجة فدخل على زوجته و قصّ عليها الخبر فقالت: على ماذا عزمت؟ قال: على أن أقاسمه الكيس!
قالت: ما صنعت شيئا؟ يأتيك رجل من آل رسول الله تعطيه نصف الكيس! قال: فأعطيته كل الكيس! و كان التاجر صديقا للهاشمي فسأله القرض فأعطاه نفس الكيس فعرفه فلما بلغ الخبر الأمير أعطى كل واحد منهما ألفا دينار و المرأةَ أربعة آلاف دينار و قال لأنها أكرمُكم (سير أعلام النبلاء للذهبي 467/9).
(9) تحتمل الأذى في سبيل دينها: أسلمت امرأة قيس بن الخطيم، و كان يقال لها حواء و كان يصدها عن الإسلام، و يَعبَث بها و هي ساجدة، فيقلبها على رأسها، و كان رسول الله - صلى الله عليه و سلم - و هو بمكة قبل الهجرة يخبر عن أمر الأنصار فأخبر بإسلامها و بما تلقى من قيس فلما كان الموسم أتاه النبي - صلى الله عليه و سلم - فقال: إن امرأتك قد أسلمت و إنك تؤذيها فأحب أنك لا تتعرض لها!
(الإصابة في تمييز الصحابة لابن حجر 11064/8).
(10) صابرة عند المصائب: إن صلة بن أشيم كان في الغزو و معه ابنه فقال لابنه: أي بني تقدم فقاتل حتى احتسبك! فحمل فقاتل حتى قتل، ثم تقدم صلة فقتل فاجتمع النساء عند امرأته معاذة فقالت: مرحبا إن كنتن جئتن لتُهنِّئنَنِي، و إن كنتن جئتن لغير ذلك فارجعن! (سيرا علام النبلاء للذهبي 498/ 3).
(11) حريصة على أبناءها: أم سليم آمنت برسول الله - صلى الله عليه و سلم - فجاء أبو أنس ابنها و كان غائباً فقال: أصبوتِ؟ قالت: ما صبوت! و لكنى آمنت بهذا الرجل! قال: فجعلت ُتلقّن أنساً و تشير إليه: قل لا إله إلا الله.. قل أشهد أن محمدا رسول الله، فيقول لها أبوه: لا تفسدي علىّ ابنيّ! قالت: لا أُفسده! (الطبقات لكبرى لابن سعد425/ 8)
(12) تحترم زوجها: قالت امرأة سعيد بن المسيّب: ما كُنا نكلّم أزواجنا إلا كما تكلمون أمراءكم أصلحك الله.. عافاك الله! (حلية الأولياء 168/5).
(13) تتفانى في خدمة زوجها: عن أسماء بنت أبى بكر - رضي الله عنه - قالت: تزوّجني الزُبير و ما له في الأرض من مال و لا مملوك، فكنت أعلف فرسه و استقي الماء، و أخِرز غربه، و أعجِن، و لم أكن أُحْسِنُ أَخبِزُ و كنت أنقُل النَّوَى من أرض الزبير على رأسي و هي منِّي على ثُلثي فرسخ. (رواه البخارى4926)
(14) تتوحد مشاعرُها مع زوجها: بكى عبد الله بن رواحه و بكت امرأته فقال: ما يبكيك؟ قالت: بكيت لبكائك! قال: إني قد علمت أني وارد النار و ما أدري أناجٍ منها أم لا؟ (سير أعلام النبلاء للذهبي 1/ 236)
(15) وَفِيَّة لزوجها بعد مماته: أم الدرداء - رضي الله عنها - قالت لزوجها أبو الدرداء: إنك خطبتني إلى أبويَّ في الدنيا فأنكحوني، و إني أخطبك إلى نفسك في الآخرة! فقال: فلا تنكحي بعدي! فخطبها معاوية فأبت! (الإصابة في تمييز الصحابة لابن حجر74/8).
(16) تحرص على تعلم العلم الشرعي: فاطمة بنت الشيخ علاء الدين السمرقندى رباها فأحسن تربيتها و تعليمها، و كانت فقيهه علامة و حفظت تحفة أبيها (تحفة الفقهاء) و قد تسامع بها الملوك فخطبوها، فامتنع والدها حتى جاء تلميذ الشيخ (الكاساني) و صنف كتاب (بدائع الصنائع).
و هو في الحقيقة شرح لكتاب شيخه " التحفة " فعرضه على شيخه ففرح به فرحا شديدا، و زوّجه ابنته و جعل مهرها منه ذلك الكتاب الذي ألفه، و كان زوجها يخطئ فترده إلى الصواب و كانت الفتوى تأتى فتخرج و عليها خطها و خط أبيها فلما تزوجت كانت الفتوى تخرج و عليها خطها و خط أبيها و خط زوجها. (الفوائد البهية للكنوى 158)
(17) تتحرى الحلال و تجتنب الحرام: ميمونة بنت الأقرع كتبت عن الأمام احمد بن حنبل، أرادت أن تبيع غزلاً لها فقالت للغزّال: إذا بعت هذا الغزل فقل أني ربما كنت صائمة فأرخى يدي فيه! ثم ذَهَبَتْ و رجعَت فقالت: ردّ علي الغزل أخاف أن لا تُبيّن للنّاس هذا! (أعلام النساء رضا كحالة 138/5)
(18) داعية إلى الله: أم شريك وقع في قلبها الإسلام فأسلمت و هى بمكة ثم جعلت تدخل على نساء قريش سراً، فتدعوهن، و ترغبهن في الإسلام، حتى ظهر أمرها لأهل مكة فأخذوها و قالوا:لولا قومك لفعلنا بك، و لفعلنا! و لكننا نردك إليهم. (صفة الصفوة لابن الجوزى 53/2)