أبو عبد الله الخطيب عضو جديد
عدد الرسائل : 10 تاريخ التسجيل : 10/10/2008
| موضوع: ¨°o.O ( هل الخلاف رحمة أم شر ) O.o°¨ الخميس 23 أكتوبر 2008, 12:28 am | |
| أولا : وجود الخلاف ضرورة قدرية إن اختلاف الأفهام والأذواق والطبائع بين الناس يؤدي إلى اختلافهم في فهم النصوص الشرعية والتعامل معها , ولو كان هذا الاختلاف يستطيع حكيم أو ذكي أن يقضي عليه ويمنع وجوده لما اختلف أصفى جيل عرفه التاريخ وهم الصحابة رضوان الله عليهم وبين ظهرانيهم أذكى وأحكم الناس على الإطلاق ــ صلى الله عليه وسلم ــ والذي استطاع أن يقضي على العصبية الجاهلية وألان الله تعالى على يديه الطاهرتين قلوبا كانت كالحجارة بل أشد قسوة فقد اختلفوا في فهم أمر منه صلى الله عليه وسلم مباشر كلهم سمعوه منه صلى الله عليه وسلم بلا واسطة حتى لا يقول أحد الفريقين إن الحديث فيه قلب أو إرسال أو إعضال أو علة .... حيث أمرهم صلى الله عليه وسلم كما في الصحيحين عن نافع عن ابن عمر قال : قال النبي صلى الله عليه و سلم لنا لما رجع من الأحزاب " لا يصلين أحد العصر إلا في بني قريظة " فأدرك بعضهم العصر في الطريق فقال بعضهم لا نصلي حتى نأتيها وقال بعضهم بل نصلي لم يرد منا ذلك فذكر للنبي صلى الله عليه و سلم فلم يعنف واحدا منهم . فلقد تعامل الصحابة مع النص فمنهم من أخذ بعمومه ومنهم من أخرج النص من عمومه بعلة تحقيق المقصود , وما كان من النبي صلى الله عليه وسلم إلا أن يقر هؤلاء وهؤلاء ليس لأنهم جميعا أصابوا إذ لا يكون الحق في كفتين وليس من المعقول أن النبي صلى الله عليه وسلم أراد المعنيين معا وإنما أقرهم لعلمه اليقيني بضرورة وجود الخلاف ولأن المسألة تعبدية وكلا الفريقين اجتهد في إصابة الحق , وإن لم تكن المسألة تعبدية وكان المطلوب تحقيق شيء بعينه لما قال النبي صلى الله عليه وسلم " من اجتهد فأصاب فله أجران ومن اجتهد فأخطأ فله أجر " فأنى للمخطئ بالأجر إذاً إن لم تكن المسألة تعبدية . الخلاف منه ما هو رحمة ومنه ما هو شر قد اشتهر بين الناس قول ( الخلاف رحمة ) وهذا قول يحتاج إلى تفصيل فإن الخلاف منه ما هو رحمة ومنه ما هو شر فقد وردت أدلة تقرر أن الخلاف رحمة وأخرى تدل على ذمه وأنه شر , و أما حديث اختلاف أمتي رحمة فباطل لا أصل له قال ابن القيم رحمه الله: "ووقوع الاختلاف بين الناس أمر ضروري لا بد منه لتفاوت إرادتهم وأفهامهم وقوى إدراكهم ولكن المذموم بغي بعضهم على بعض وعدوانه وإلا فإذا كان الاختلاف على وجه لا يؤدي إلى التباين والتحزب وكل من المختلفين قصده طاعة الله ورسوله لم يضر ذلك الاختلاف فإنه أمر لا بد منه في النشأة الإنسانية ولكن إذا كان الأصل واحدا والغاية المطلوبة واحدة والطريق المسلوكة واحدة لم يكد يقع اختلاف وإن وقع كان اختلافا لا يضر كما تقدم من اختلاف الصحابة فإن الأصل الذي بنوا عليه واحد وهو كتاب الله وسنة رسوله والقصد واحد وهو طاعة الله ورسوله والطريق واحد وهو النظر في أدلة القرآن والسنة وتقديمها على كل قول ورأي وقياس وذوق وسياسة ". ا هـ قلت وتفصيل المسألة , أن الخلاف في الفروع التي يسوغ فيها الاجتهاد , ويحتمل فيها الدليل , ولا تكون فتنة العصبية نتيجة لهذا الخلاف , فخلاف العلماء المجتهدين فيها رحمة , وأما ما دون ذلك فشر فكلام العلماء أن الخلاف رحمة فمحمول على سلامته مما ذكرت قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : " والنزاع في الأحكام قد يكون رحمة إذا لم يفض إلى شر عظيم من خفاء الحكم و لهذا صنف رجل كتابا سماه ( كتاب الاختلاف ) فقال أحمد سمه ( كتاب السعة ) و إن الحق في نفس الأمر واحد و قد يكون من رحمة الله ببعض الناس حفاؤه لما في ظهوره من الشدة عليه و يكون من باب قوله تعالى { لا تسألوا عن أشياء إن نبد لكم تسؤكم }و هكذا ما يوجد في الأسواق من الطعام و الثياب قد يكون في نفس الأمر مغصوبا فإذا لم يعلم الإنسان بذلك كان كله له حلالا لا إثم عليه فيه بحال بخلاف ما إذا علم , فخفاء العلم بما يوجب الشدة قد يكون رحمة كما أن خفاء العلم بما يوجب الرخصة قد يكون عقوبة كما أن رفع الشك قد يكون رحمة و قد يكون عقوبة " اهـ مجموع الفتاوى، الجزء 14، صفحة 159 وكان عمر بن عبد العزيز يقول : ما سرني لو أن أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم لم يختلفوا، لأنهم لو لم يختلفوا، لم تكن رخصة . اهـ وقال هارون الرشيد لمالك بن أنس: يا أبا عبد الله تكتب هذه الكتب ــ يعني مؤلفات الإمام مالك ــ وتفرقها في آفاق الإسلام لتحمل عليها الأمة، قال: يا أمير المؤمنين إن اختلاف العلماء رحمة من الله تعالى على هذه الأمة ، كل يتبع ما يصح عنده، وكل على هدى، وكل يريد الله تعالى . اهـ قال ابن قدامة رحمه الله في مقدمة كتابه المغني : (أما بعد ... فإن الله برحمته وطوله جعل سلف هذه الأمة أئمة من الأعلام مهد بهم قواعد الإسلام وأوضح بهم مشكلات الأحكام : اتفاقهم حجة قاطعة واختلافهم رحمة واسعة). وأما الأدلة والنصوص في ذم الخلاف مثل قول الله تعالى {إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعاً لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ} [سورة الأنعام آية: 159]، {وَلا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ} [سورة هود آية: 119-118]، {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا} [سورة آل عمران آية: 103]، {وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ} [سورة آل عمران آية: 105]، {وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى} [سورة النساء آية: 115]. و ما جاء في صحيح مسلم، عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه قال: هَجَّرْتُ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما، فسمع أصوات رجلين اختلفا في آية، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم يرى في وجهه الغضب ، قال: "إنما أهلك من كان قبلكم اختلافهم في الكتاب" وفي حديث آخر: "أبهذا أمرتكم؟ أم بهذا أرسلت إليكم؟! وإنما أهلك من كان قبلكم كثرة التنازع في أمر دينهم، واختلافهم على أنبيائهم" فالمقصود مطلق الخلاف في العقائد والأصول أو الخلاف الذي يتعصب فيه كل فريق لرأيه وقوله , ويسفه الآخر ويجهله وتكون الفتنة قال ابن العثيمين : إن الاختلاف ليس رحمة ؛ بل إنه شقاق ، وبلاء؛ وبه نعرف أن ما يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «اختلاف أمتي رحمة» لا صحة له ؛ وليس الاختلاف برحمة ؛ بل قال الله سبحانه وتعالى: { ولا يزالون مختلفين * إلا من رحم ربك } [هود: 118] أي فإنهم ليسوا مختلفين ؛ نعم ؛ الاختلاف رحمة بمعنى: أن من خالف الحق لاجتهاد فإنه مرحوم بعفو الله عنه ؛ فالمجتهد من هذه الأمة إن أصاب فله أجران ؛ وإن أخطأ فله أجر واحد؛ والخطأ معفو عنه ؛ وأما أن يقال هكذا على الإطلاق : «إن الاختلاف رحمة» فهذا مقتضاه أن نسعى إلى الاختلاف ؛ لأنه هو سبب الرحمة على مقتضى زعم هذا المروي!!! فالصواب أن الاختلاف شر. اهـ إذاً الخلاف قد يكون رحمة وقد يكون شراً فكيف نختلف تلكم هي القضية وكتبه الفقير إلى عفو المجيب أبو عبد الله ابن الخطيب | |
|
الراجية عفو ربها ¨°o.O (مشرف قـسـم البرامج و التصميم ) O.o°¨
عدد الرسائل : 128 تاريخ التسجيل : 09/09/2008
| |